لماذا رفض أفعال في 2016؟

قدّم النائب روبير فاضل، الذي يشغل اليوم منصب عضو في "اللجنة التنفيذيّة" لـ"حزب الكتلة الوطنيّة اللبنانيّة"، عام 2014 إقتراح قانون معجّل مكرّر يرمي إلى إزالة الفقر المدقع في لبنان تحت عنوان "برنامج أفعال". ونبّه حينها إلى أنّه في السنتين الماضيتين تبيّن أنّ المناطق الأكثر فقراً هي الأقل استقراراً ومن هنا يهدف البرنامج إلى مساعدة الأسر الأكثر فقراً لإعطائهم الأمل في مستقبل أفضل. ولفت إلى أنه وضع هذا الاقتراح مع وزارة الشؤون الاجتماعية ويتطلّب دعم جميع الأحزاب والكتل النيابيّة لكي يُقرّه مجلس النوّاب.

ولكنّ حسابات الربح والخسارة لدى "الأحزاب الطوائف" خلُصَت إلى وجوب دفن هذا المشروع في مقبرة اللجان. فنُزعت عنه بداية صفة العجلة، وأُحيل إلى اللجنة الفرعيّة المنبثقة عن لجنة المال والموازنة التي كُلّفت درسه. وكانت تتألّف من النائب ياسين جابر رئيساً والنائبين روبير فاضل وهنري حلو أعضاء.

ففي 5 نيسان 2016 تمّ إطلاق حملة لدعم قانون "أفعال" من مقر رئيس الحكومة سعد الحريري وبرعايته. وسأل النائب فاضل خلاله سؤالاً أساسياً وهو ما الذي يقف في طريق إقرار هذا القانون؟ ولفت إلى أنّ طرح هذا السؤال يأتي بعد سنة ونصف من تقديم هذا الاقتراح والمماطلة بإقراره، رغم تجاوب واهتمام رؤساء لجان الصحة والمال واللجنة الفرعية المعنية ودعم وزير الشؤون الاجتماعية، وهم مشكورون. واعتبر أنّه أصبح واضحاً أنّ بعض القيادات غير معنيّة بمكافحة الفقر المدقع أو على الأقل أنّه ليس على رأس أولوياتها.

وعدّد فاضل، على هذا الصعيد، أسباباً عدّة لهذه المماطلة وقلّة الاهتمام ورأى أنّ بعض القيادات غير مهتمة، لأنه بكل بساطة، ليس لدى الفقراء نقابات وما من أحد يطالب بحقوقهم؛ وأنّ بعضهم غير مهتم، لأن تمويل هذا البرنامج يتطلّب تخفيف جزء صغير جداً من الهدر وهذا من المحرمات، وبالنسبة للبعض يحرّر هذا الاقتراح 250 ألف لبناني من الخدمات والمساعدات الشخصية التي يقدمها لهم معظم الزعماء والأحزاب، وبالتالي يحد من إمساكهم بحياتهم وصوت قاعدتهم الانتخابية الأساسية.

وأضاف، في الموضوع ذاته، أنّ بعض القيادات في حالة إنكارٍ، وكأن الفقر غير موجود في لبنان أو كأنه يعني شريحة صغيرة من اللبنانيين أو طائفة معينة أو منطقة محدّدة، وبالنسبة لفئةٍ أخيرة، فهي تعتبر أنّ هذا الاقتراح قدّمه نائبٌ مستقل، وبالتالي لا يسجل في خانتهم بحسب اللعبة السياسة الضيقة.

وفي ما يتعلّق بهذه القيادات غير المهتمة، توجّه فاضل بكلمات قليلة وصريحة: برنامج أفعال واجب يفرضه الضمير والمنطق والأخلاق وتعليم الديانات كافة. ولكل من لا تعنيه جميع هذه الاعتبارات، أقول له بكل صراحة: لا أمن ولا أمان ولا حصانة لطبقة سياسية تتجاهل معاناة شعبها. وتوجّه بالتحيّة إلى الفئة الأضعف في مجتمع على حسّها بالمسؤولية لأنّها رفضت وما زالت ترفض بشكل صارم، اللجوء إلى العنف والتطرّف، وهي أظهرت وعيًا وبُعدَ نظر اكثر من بعض قياداتها...

وإذ أكّد أنّ إطلاق حملة لدعم قانون "أفعال" هو بداية لطريق سوف توصل حتماً إلى إقرار هذا القانون الذي هو قضيّة محقّة ومصيرية وليست مجرد مبادرة لراحة الضمير، تمنّى فاضل أن تكون الطريق سريعة وسهلة، مشددًا على التواصل مع كل الأحزاب لإقرار هذا القانون بأسرع وقت ممكن. وتعهّد بمتابعة هذه القضية حتى تحقيقها مهما كلفت ومهما أزعجت اصحاب المصالح الصغيرة والخطابات الفارغة، لأنّ السياسة بمعناها النبيل ليست فقط أقوال، إنّما هي أفعال.

وبالفعل تابع النائب فاضل جهده على هذا الصعيد، وبتاريخ 16 أيّار 2016، أعلنت اللجنة الفرعيّة إنهاء دراسة اقتراح قانون "أفعال" وذلك بعد جلسة عُقدت بحضور رئيسها وأعضائها وكل من مستشار وزير التربية غسان شكرون، ومستشار وزير الشؤون الاجتماعية انطوان زخيا، ورئيس دائرة شؤون المراكز في وزارة الشؤون الاجتماعية عدنان نصر الدين، وخبيرة اجتماعية وتربوية في وزارة العمل نزها شليطا، ومدير الموازنة ومراقبة النفقات بالتكليف كارول ابي خليل، ورئيس الدائرة الادارية في مديرية الموازنة ومراقبة النفقات نهلة بشناتي، ومستشار وزير الشؤون الاجتماعية للسياسات الاجتماعية منير عصمت.

إلاّ أنّ الحسابات السياسيّة الضيّقة عطّلت وصول القانون إلى خواتيمه السعيدة، متجاهلة أوضاع المواطنين القابعين تحت خط الفقر. فكان قرار النائب فاضل في 22 حزيران 2016 بتقديم استقالته الخطّية إلى الأمانة العامة لمجلس النواب، حيث تنازل عن راتبه من يومها. وترافق ذلك مع تراكم المشاكل منذ التمديدين الأوّل والثاني، حيث قوبلت جهوده في التشريع بقضايا أساسيّة مثل قانون الإنتخاب ومعالجة أزمة الكهرباء بصمت وتردد ولامبالاة