باكورة "الكتلة الوطنيّة" قانون "أفعال" لإخراج 235 ألف لبناني من الفقر المدقع

بعدما وعدت "الكتلة الوطنية" في انطلاقتها الجديدة، بان تبادر الى ارساء قواعد جديدة للعمل السياسي، ينطلق من مفهوم الخدمة العامة وخير المواطن، لا التلهي بالمحاصصات القائمة، وتقاسم المواقع، والمضي في تعطيل المؤسسات تقاسماً للنفوذ، فانها تطلق اليوم في مؤتمر صحافي، باكورة اعمالها في مشروع يهدف الى الحد من الفقر في لبنان، وربطه بالتعليم والتأهيل حتى لا يتحول بابا جديدا للزبائنية.

لأنّ أحد أسباب وجود الدولة هو أن ترعى مواطنيها، ولأنّ الدستور اللبناني ينص على أحقّية كل مواطن بالعيش الكريم، تعيد "الكتلة الوطنية" إحياء اقتراح قانون "أفعال" لمكافحة الفقر المدقع.

ينطلق هذا الإقتراح من حاجة نحو 235 الف مواطن يعيشون بأقل من 5.7 دولارات في اليوم، وهو مبلغ لا يؤمّن حتّى الحاجات الأساسيّة من غذاء وملبس، ما يجبر العائلات الفقيرة على دفع أولادها نحو ترك مقاعد الدراسة ودخول مضمار العمل ولو بأجرٍ زهيد.

هذا الواقع يُدخل الفئة التي تعيش في الفقر المدقع في حلقة مفرغة ويجعلها ضحية نظام غير عادل. ويلزم القانون المقترح الدولة بمنح هذه الفئة مساعدات ماليّة مشروطة من جهة بتأمين التعليم الإلزامي للأولاد، ومن جهة أخرى بتدرّب معيل العائلة على مهنة تؤمّن له باباً للاسترزاق والخروج من فخّ الفقر العالق فيه.

وينطلق مشروع تفعيل "أفعال" من أنّ الأولويّة هي لقدسيّة الإنسان والعيش الكريم. فالفقر المدقع لا يميّز بين المواطنين وهو فخّ يمكن أن يقع في شباكه أي شخص، خصوصاً في الفترة الإقتصاديّة الصعبة التي يمرّ بها لبنان. من هنا وجوب التصدّي لهذه الظاهرة الإجتماعيّة، وعدم التلهّي وراء الخلافات المفتعلة للتهرّب من هذه المسؤوليّة. وفي ظل غياب الدولة القوية والمطمئنة والعادلة، يلجأ الضعيف إلى الزعماء أصحاب الخطابات الشعبوية والنبرة العالية، طالبا الخدمات من باب الزبائنية. هذه الخدمات استولى عليها الزعماء من دون وجه حق بينما في دولة محترمة لذاتها، تكون الخدمات متوافرة ومن أبسط حقوق المواطنين.

من هم المواطنون القابعون تحت خط الفقر المدقع؟

يتم تصنيف الأفراد والأسر بحسب مؤشر خط الفقر المدقع في لبنان والذي حدّده "البنك الدولي" بـ8,600 ليرة لبنانية أي ما يعادل 5.7 دولارات أميركية للفرد في اليوم، ويمكن فرزهم على النحو الآتي: الأسر ذوو الدخل المنخفض، والعمّال في القطاعات غير الرسمية كالبناء والزراعة والخدمات، المعتمدين على المساعدات النقدية بشكل رئيسي، والذين يعيشون في الأحياء الفقيرة التي تنقطع عنها المساعدات.

ويرتبط المستوى التعليمي والفقر ارتباطاً وثيقاً، بحيث إن %15 من الفقراء أمّيون. كما أن %45 من إجمالي الفقراء لا يحملون سوى الشهادة المتوسطة، ومن بين كل طفلين في عائلة فقيرة، واحد فقط مسجّل في مدرسة والآخرون يتركون المقاعد الدراسية، باحثين عن عمل لمساعدة ذويهم.

 

 

من جهة أخرى، يتبيّن أنّ نسبة البطالة عند الباحثين عن عمل من الطبقات الفقيرة هي ضعفا نسبة البطالة لدى المتعلّمين وميسوري الحال. يضاف إلى ذلك أنّ نصف الشباب الفقراء (بين 15-24 سنة) هم عاطلون عن العمل.

 

 

والأسوأ من ذلك، أنّ %10 فقط من المواطنين يمتلكون %57.1 من الثروات في لبنان، و%20 من الأغنياء مسؤولون وحدهم عن %43 من الاستهلاك، بينما لا تتخطى نسبة الاستهلاك لدى الـ%20 الفقيرة الـ%7. وما يزيد الوضع حدة، أزمة شبكة الأمان الاجتماعي التي لا تشكل سوى %1 من الدخل القومي في لبنان، وهو الرقم الأدنى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

 

 

لمواجهة مشكلة الفقر المدقع، تقدّم النائب السابق روبير فاضل عام 2014، وهو اليوم عضو في "اللجنة التنفيذيّة" لـ"حزب الكتلة الوطنيّة اللبنانيّة"، بمشروع قانون "أفعال"، الذي يعمل الحزب على إعادة إحيائه بعدما تجاهلته معظم القوى السياسيّة آنذاك. ويهدف هذا القانون إلى مساعدة العائلات الواقعة تحت خط الفقر المدقع عبر تقديم مساعدات نقدية مشروطة بالتعليم الإلزامي للأطفال وتدريب مهني لمعيلة/ معيل الأسرة في حال لم يكن لديها/لديه مهنة منتجة وآمنة.

 

 

وهذه المساعدة تكون قيمتها ثلث الحد الأدنى للأجور لكل فرد أو عائلة مؤلفة من زوجين وثلاثة أولاد، على أن يتم تخصيص مبلغ قيمته 11% من الحد الأدنى للأجور لكل ولد إضافي. وذلك باعتبار أنّ سبل الخروج من فخ الفقر، تكمن بإعطاء الفقراء المساعدات اللازمة ليتمكنوا من تحصيل الرأسمال البشري الذي سينتشلهم من دائرة الفقر المفرغة.

 

 

أما التمويل، وكونه مشروعاً مستداماً لمكافحة الفقر المدقع على عكس البرامج المطبّقة حالياً، فهو سيكون من الموازنة العامة للدولة وليس بالاعتماد على المساعدات الخارجية الظرفيّة، لأنّ مثل هذه المساعدات لا تعطي مفعولها إلا إذا كانت من دون انقطاع.

المصدر: النهار